الرئيسية / قضايا نظرية / البيئة / ما هو الحل الشيوعي لمشكلة تغير المناخ؟

ما هو الحل الشيوعي لمشكلة تغير المناخ؟

يشكل تغير المناخ تهديدا كارثيا لمستقبل البشرية. وقد أثبتت الطبقة الرأسمالية عجزها التام عن معالجة هذه المشكلة.

إلى جانب الأزمة الاقتصادية العميقة، والاضطرابات السياسية الكبيرة، والحروب الإمبريالية، يعاني ملايين البشر في جميع أنحاء العالم بشكل مباشر من آثار تغير المناخ. وتثير هذه الآفاق المظلمة تساؤلات عميقة بين الشباب. لذا فإنه ليس من المستغرب أن يصبح شعار “تغيير النظام لا تغير المناخ!” أحد الشعارات الرئيسية لحركة “أيام الجمعة من أجل المستقبل”. لكن كيف سيبدو “تغيير النظام”؟

لا يستطيع الماركسيون التنبؤ بالمستقبل بيقين مطلق، لكن من خلال تحليل القدرات الإنتاجية التي تطورت في ظل الرأسمالية، يصير في مقدورنا استنتاج الخطوات التي يمكن اتخاذها للبدء في معالجة مشكلة تغير المناخ والتخفيف من أسوأ آثارها.

لكن الشرط المسبق هو كسر الحواجز التي أقامتها الرأسمالية -حواجز الملكية الخاصة والدولة القومية- والبدء في تنظيم المجتمع على أساس إشباع الاحتياجات الإنسانية وليس الربح.

انحدار نحو الهاوية

ستكون هذه مهمة جسيمة على البشرية؛ فقد ارتفعت درجة حرارة الكوكب بالفعل بما يكفي لدرجة أن حدوث التأثيرات المناخية الكبيرة أصبح الآن حتمية.

حددت قمة مؤتمر الأطراف لعام 2015 هدفا يتمثل في الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية لتجنب “أسوأ التأثيرات”. ومع ذلك، فإنه بحلول فبراير 2024، حذر العلماء من أن متوسط ​​درجات الحرارة في العالم قد تجاوز بالفعل ذلك الحد لمدة 12 شهرا متتالية.

حتى الحد الأولي البالغ 1.5 درجة مئوية من الاحتباس الحراري كارثي. كانت توقيعات الرأسماليين والسياسيين على هذه الاتفاقية، في الواقع، بمثابة وعود بخراب الكوكب. وكما قال ماركس فإن: “النظرة إلى الطبيعة، التي تكتسب تحت سيطرة الملكية الخاصة والمال، هي احتقار حقيقي لها، وإهانة عملية لها”.

تزداد موجات الحر فتكا وتدميرا للناس والبنية التحتية والنظم البيئية. ففي نيودلهي، تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية لمدة شهر كامل في عام 2024. ومع ذلك يتم إجبار حوالي ثلاثة أرباع القوى العاملة في الهند على العمل في ظل نقص أو انعدام وسائل التبريد المتاحة. وفي النرويج، شلت موجة حر عمليات المستشفيات بسبب تعطل أنظمة تكييف الهواء. حتى أن أحد المستشفيات هناك فرض معايير صارمة لمن يسمح لهن بالدخول إلى جناح الولادة لوضع حملهن.

تزداد حرائق الغابات حدة، حيث يعد عام 2025 أسوأ عام مسجل في أوروبا. اجتاحت حرائق الغابات لوس أنجلوس طوال شهر يناير تقريبا. وتطلق تلك الحرائق ملايين الأطنان الإضافية من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بينما تدمر أيضا مساحات شاسعة من الأراضي والمنازل والبنية التحتية الحيوية، وتودي بحياة رجال الإطفاء في الخطوط الأمامية بسبب التعرض لفترات طويلة للدخان والرماد السام.

تصير الفيضانات الكارثية أكثر شيوعا. فمنذ يوليوز، أودت الفيضانات في باكستان بحياة أكثر من 700 شخص، حيث تسببت الأمطار الغزيرة المتزايدة في فيضانات مفاجئة في منطقة يعيش فيها ما يصل إلى 96 مليون نسمة على ضفاف الأنهار. وفي الشهر الماضي، لقي أكثر من 1300 شخص حتفهم بسبب الفيضانات في سريلانكا وإندونيسيا وتايلاند.

تزداد العواصف تدميرا. ففي العام الماضي، ضربت الفلبين موجات قياسية من الأعاصير المدارية.

تكشف هذه الكوارث عن لامبالاة حكامنا وعدم كفاءتهم. في فالنسيا، قبل عام، أجل حاكم الإقليم المنتمي لحزب الشعب اليميني إصدار التحذير من الفيضانات طيلة ساعات بينما كان يتناول الغداء في أحد المطاعم. وفي غضون ذلك، استمر أرباب العمل في تشغيل العمال في ظروف بالغة الخطورة. كُتب على أحد الجدران آنذاك: “Els nostres morts, els seus beneficis” (“موتانا، أرباحكم”). ورغم مرور عام فإن الغضب لم يهدأ بعد، إذ قبل بضعة أسابيع تم إجبار حاكم الإقليم أخيرا على الاستقالة.

الوضع مريع بالفعل، لكن الأسوأ لم يأت بعد.

التوقف عن استعمال الوقود الأحفوري أمر ممكن

أكثر من نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم تأتي من الصناعات المعتمدة على الوقود الأحفوري. هذا يعني أن حرق الفحم والغاز الطبيعي والنفط لتوليد الكهرباء والتدفئة هي الأسباب الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري.

يمثل هذا مصدر ربحٍ لا ينضب لأصحاب رؤوس الأموال، الذين لا يبدون أي نية للتوقف. هذا العام أعلنت شركة بريتش بيتروليوم أنها ستستثمر 10 مليارات دولار سنويا لتكثيف استكشاف حقول النفط وزيادة الإنتاج. منحت الحكومة البرازيلية “حقوق استكشاف” لحقول النفط والغاز تمتد على مساحة تزيد عن ضعف مساحة اسكتلندا. وأعلنت النرويج عن خطط لزيادة الحفر في منطقة القطب الشمالي. كل هذا ليس سوى لمحة عن المشكلة.

وفي الوقت نفسه تم تحقيق تقدم هائل في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي يمكنها توليد الحرارة والكهرباء دون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري، ولديها القدرة على أن تكون أرخص بكثير.

بفضل الطقس الملائم جزئيا، أنتجت الطاقة الشمسية المولدة في بريطانيا بحلول شهر غشت من هذا العام أكثر مما أنتجته في عام 2024 بأكمله. وهذه كمية كهرباء كافية لتشغيل مترو أنفاق لندن لأكثر من عقد!

صارت الصين رائدة عالمية في مجال الطاقة الخضراء، إذ تسيطر على 80% من الطاقة الإنتاجية العالمية لسلسلة توريد الألواح الشمسية، وما بين 60% و80% لتوربينات الرياح. وخلال النصف الأول من عام 2025 وحده، كانت الصين مسؤولة عن 67% من الطاقة الإنتاجية الجديدة للألواح الشمسية، أي ما يزيد عن ضعف طاقة بقية بلدان العالم مجتمعة.

لكن في ظل الرأسمالية، يتحول نجاحنا في زيادة الإنتاج إلى عائق أمام المزيد من التطوير والاستغلال الكامل للإمكانات المتاحة. لقد صار يصطدم بالفعل بحدود السوق. في عام 2023 وحده، أنتج المصنعون ألواحا شمسية أكثر بثلاث مرات مما يستطيع الاقتصاد العالمي استيعابه. وهكذا، دخل القطاع في أزمة فائض إنتاج. هذا يعني أن صناديق الألواح الشمسية ظلت في الموانئ والمستودعات، خاملة وغير مستخدمة!

نظام غير عقلاني

سيتطلب الأمر حوالي 51 مليار لوح شمسي بقدرة 350 واط لتزويد العالم أجمع بالطاقة. وقد أنتجت الصناعة الصينية وحدها ما يقرب من مليار لوحة شمسية في عام 2023. وقد أدى فائض إنتاج الألواح الشمسية في الصين إلى إغراق الأسواق، مما أدى إلى انخفاض التكاليف في جميع أجزاء سلسلة التوريد، مع انخفاض أسعار الألواح الشمسية بأكثر من 80%.

لكن وبدلا من استغلال هذه الأسعار المنخفضة لصالح التحول إلى الطاقة الخضراء، طلبت مجموعة من شركات الطاقة الشمسية من الحكومة الصينية التدخل لتحديد حد أدنى لسعر الألواح الشمسية وخفض الاستثمار في هذه الصناعة، للتخفيف من آثار فائض الإنتاج حتى تتمكن من الاستمرار في تحقيق الربح.

وفي محاولة أخرى لتعزيز هوامش ربحها، تخلصت أكبر شركات الطاقة الشمسية من 87000 وظيفة في عام 2024، مدعية أنه “يجب القضاء على ما لا يقل عن 20-30% من الطاقة التصنيعية حتى تعود الشركات إلى الربحية”.

كما أن فائض الإنتاج الصيني وهيمنة الصين على تلك الصناعة يعنيان أن تصنيع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الولايات المتحدة وأوروبا قد عانى من المنافسة. وقد شهد ذلك القطاع في أوروبا بدوره حالات إفلاس وإغلاق مصانع وفقدان وظائف. وعلى سبيل المثال، فقد اضطرت شركة ماير برغر تكنولوجي السويسرية إلى إغلاق أحد أكبر مصانع الألواح الشمسية في أوروبا بألمانيا، ثم أعلنت إفلاسها. ولذلك، فرضت أوروبا رسوما جمركية على الواردات الصينية لتعزيز قدرتها التنافسية.

أصبحت الألواح الشمسية الصينية رخيصة جدا، لدرجة أنه في هولندا وألمانيا، أصبح تركيبها كأسوار للحدائق (حيث تعمل بكفاءة منخفضة نسبيا) أكثر جدوى من تركيبها على أسطح المنازل. ومع ذلك، فإن هذه الألواح الشمسية الرخيصة والوفيرة تُضر بالرأسمالية الأوروبية!

وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز:

“بلغ سعر اللوح الشمسي في نهاية مارس 11 سنتا أمريكيا للواط، أي ما يعادل نصف سعره تقريبا في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لبلومبرغ إن إي إف، وكان من المتوقع أن ينخفض ​​أكثر في ظل “السباق نحو القاع” مع تنافس المصنعين للتخلص من فائض العرض. تحت “الخط الأحمر” البالغ 15 سنتا للواط، لن تتمكن الشركة من الاستثمار بجدية في قطاع التصنيع الأوروبي… لن تقوم بذلك مقابل هامش ربح ضئيل للغاية لن يُغطي أي شيء”.

كما يخشى المستثمرون من خطر انخفاض أسعار الكهرباء إلى ما دون الصفر، والذي يعني، بسبب التقلبات الناتجة عن طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، أن إمدادات الطاقة قد ترتفع بشكل حاد، مما يدفع الأسعار إلى السلبية إذا لم يكن من الممكن تخزين فائض الطاقة.

وكما ذكرت بلومبرغ فإنه:

“في حين أن كل هذه الطاقة الرخيصة قد تكون خبرا سارا للأسر والصناعات، فإنها تُشكل مصدر قلق بالغ للمستثمرين في أصول الطاقة المتجددة، حيث أن تقلب الأسعار يهدد استقرار الأرباح”.

الحقيقة واضحة: التكنولوجيا موجودة -ليس في عالم الخيال العلمي، بل في العالم الحقيقي اليوم- لتمكين التحول إلى الطاقة الخضراء. لكن هذه التكنولوجيا تعيقها الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من قبل الرأسماليين الطفيليين، الذين يستثمرون وينتجون لتحقيق الربح، لا رغبة في تلبية الاحتياجات الاجتماعية.

وعلى الرغم من التزايد الملحوظ في إنتاج الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية، فإن هذا القطاع سيواجه مشكلة: فبمجرد تركيب الألواح الشمسية، ستوفر الطاقة لسنوات، بل لعقود. وهكذا، سرعان ما سيصبح السوق متخما ويتوقف عن الربح. وتجف الاستثمارات.

ويتفاقم هذا الوضع بسبب ضيق حدود الدولة القومية، حيث تتنافس الطبقة الرأسمالية في كل سوق وطنية على تعزيز قدرتها التنافسية في السوق العالمية. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، زادت الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، وتم تقديم إعانات لمصنعي الطاقة الشمسية في الداخل، لكن حتى مع تلك الإعانات، لا تستطيع الصناعات الأمريكية منافسة نظيراتها الصينية بجدية.

في ظل الرأسمالية، تعد قدرة الصناعة الصينية على إنتاج كميات هائلة من الألواح الشمسية -التي يمكن تركيبها على كل منزل، واستخدامها لإحداث تغيير جذري في كيفية إنتاج الطاقة- أمرا سيئا، إذ تقلص أرباح عصابات الرأسماليين الآخرين. وعلاوة على ذلك، وبينما يواجه الغرب والصين بعضهما البعض باعتبارهما قوى إمبريالية متنافسة، وخوفا من الاعتماد على المنافس في إنتاج الطاقة، فإن الرد هو محاولة إعاقة صناعات الطرف الآخر ودفعها بعيدا وكبح جماحها من خلال الحواجز الحمائية.

لولا الملكية الخاصة، وفي ظل اقتصاد قائم على التخطيط لخدمة الاحتياجات الاجتماعية، سيصير في مقدور العمال في الولايات المتحدة التعاون مع العمال في الصين لتصدير التكنولوجيا اللازمة لبناء ألواح شمسية عالية الجودة بكميات كبيرة.

في الواقع، يمكن استخدام نسبة ضئيلة نسبيا من سطح الكوكب لتسهيل ذلك. سنحتاج إلى مساحة تقارب 115,625 ميلا مربعا لاستيعاب جميع الألواح الشمسية المطلوبة، والبالغ عددها 51 مليار لوح. تغطي الصحراء الكبرى 3.6 مليون ميل مربع، ولا تعاني من نقص في أشعة الشمس. يمكن توفير المساحة في أماكن أخرى لمشاريع إعادة التشجير، على سبيل المثال، لمساعدة الكوكب على التعافي من الاجتثاث الذي تعرضت له الغابات على نطاق واسع.

لكن تنفيذ مشروع ضخم كهذا يتطلب تعاونا هائلا من جميع أنحاء العالم. فمع إمكانية توليد الكهرباء والتدفئة للعالم أجمع، يتطلب هذا، بالضرورة، إجراء أبحاث وبناء من قبل عمال من جميع أنحاء العالم لضمان إمكانية توصيله إلى كل مكان مطلوب وتشغيله بسلاسة.

يتطلب الأمر مراقبة وتنسيقا مستمرين للتغلب على المشكلات وضمان الاستمرارية. لقد أرسى الطابع العالمي للاقتصاد العالمي، الذي طورته الرأسمالية، أسس هذا التعاون ونشر التكنولوجيا. المطلوب هو إزالة حواجز الملكية الخاصة والدولة القومية.

يتطلب التحول إلى مصادر الطاقة هذه أكثر من مجرد بناء توربينات الرياح أو تركيب الألواح الشمسية. سيتعين بناء بنية تحتية أساسية لضمان نقل هذه الطاقة بأمان. لقد عانت هذه البنية التحتية، في ظل الرأسمالية، من نقص الاستثمار، وهي الآن غير قادرة على الاستفادة الكاملة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية الموجودة بالفعل.

ومن الأمثلة على ذلك الشبكة الوطنية البريطانية للكهرباء، التي منذ خصخصتها وزعت على المساهمين ما يقرب من 28 مليار جنيه إسترليني على شكل أرباح، في حين عرفت وتيرة الاستثمار في شبكة الطاقة ركودا.

وفي الوقت نفسه، أدى الاستثمار في الطاقة المتجددة إلى بناء مزارع رياح ضخمة. ففي اسكتلندا، كان بإمكان مزارع الرياح إنتاج ما يكفي من الطاقة لجميع المنازل في اسكتلندا على مدار ستة أشهر، لكن تم دفع ملايين الدولارات لكي لا تقوم بذلك لكون كابلات نقل الطاقة غير قادرة على تحمل هذه “الطاقة المتجددة الزائدة”. وفي المقابل أضيفت تلك التكاليف إلى فواتير الطاقة الخاصة بالمستهلكين.

وقد شهدت إسبانيا في وقت سابق من هذا العام نتيجة كارثية لفشل السوق الرأسمالية الفوضوية في مواكبة احتياجات البنية التحتية للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. ففي إسبانيا، شهدت البلاد زيادة كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة المتصلة بالشبكة. لكن عندما أدت الظروف الجوية المواتية إلى ارتفاع حاد في الطاقة من تلك المصادر، تعرضت الشبكة لصدمة أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد.

المشكلة قابلة للحل، فهناك وسائل لزيادة ما يسمى “قصور” الشبكات الكهربائية، لكنها تتطلب استثمارات. وقد فشلت شركات الكهرباء المخصخصة في القيام بتلك الاستثمارات، لأن هدفها الأول هو في المقام الأول خفض التكاليف لتعزيز الأرباح.

في بريطانيا، يواجه تحديث الشبكات الكهربائية نفسها مشكلة. إذ يُعيق نقص سلسلة التوريد إنتاج الكابلات اللازمة لنقل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مما يرفع أسعار الكابلات المتبقية المتاحة. والحل هو زيادة القدرة الإنتاجية لإنتاج كابلات الجهد العالي، فما المانع من ذلك؟

يُعد تركيب هذه البنية التحتية حدثا لمرة واحدة. فمن وجهة نظر مُصنعي البنية التحتية، يعتبرون أنهم إذا بنوا مصانع لتلبية ذلك الطلب، فسيتبقى لديهم فائض من الطاقة الإنتاجية دون تحقيق أرباح مستقبلية.

وكما ذكرت شركة الاستشارات بارينغا، فإنه:

“على الرغم من الزيادة الهائلة في بناء الشبكات المطلوبة للمستقبل، إلا أن الموردين يترددون في الاستثمار في قدرات جديدة نظرا لعدم اليقين بشأن الطلب طويل الأجل على مكونات محددة، واللوائح التنظيمية الأوسع، والتمويل”.

سيكون بناء البنية التحتية نعمة عظيمة للبشرية. أما بالنسبة للمصنعين، فمن الأكثر ربحية مواصلة الإنتاج بوتيرة بطيئة، مما يؤدي إلى اختناقات في الطلب وسنوات من التأخير… لكنه يؤدي أيضا إلى أرباح مضمونة!

تثوير الزراعة

تأتي الزراعة في المرتبة الثانية بعد قطاع الطاقة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فهي مسؤولة عن حوالي ثلث إجمالي الانبعاثات. تحقق الممارسات الزراعية الحالية إنتاجية عالية لكنها تلحق الضرر بالبيئة. وقد أوضح ماركس في كتابه “رأس المال”:

“أن كل تقدم في الزراعة الرأسمالية هو تقدم في فن النهب ليس نهب العامل فحسب، بل ونهب التربة أيضا؛ فكل تقدم في زيادة خصوبة التربة لفترة زمنية محددة، هو تقدم نحو تدمير مصادرها الدائمة…”.

يتم إنتاج ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع سكان الكوكب، بل وأكثر، لكن واحدا من كل أحد عشر شخصا ينام جائعا كل يوم. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى ثلث إجمالي الغذاء المُنتج للاستهلاك البشري عالميا لا يتم استهلاكه. ويعود ذلك إلى مزيج من ارتفاع الأسعار، وعدم كفاءة سلسلة التوريد التي تلحق الضرر بالمواد الغذائية، أو رمي تجار التجزئة للطعام عندما لا يتمكنون من بيعه. في بريطانيا وحدها، يتم رمي حوالي 9.5 مليون طن من الغذاء سنويا، وهو ما يكفي لإطعام أكثر من 30 مليون شخص، في بلد يعيش فيه حوالي 8.4 مليون شخص في فقر غذائي.

يُعد تطوير أشكال من الزراعة المستدامة التي لا تدمر البيئة، وضمان التوزيع الرشيد لذلك الغذاء بما يلبي الاحتياجات البشرية، من أكثر المهام إلحاحا. وكما شهدنا مع الطاقة الشمسية، فإن الزراعة بدورها تشهد ابتكارات تبشر بإنتاج غذائي أكثر كفاءة وانسجاما مع البيئة.

ومن الأمثلة على ذلك هولندا، التي هي ثاني أكبر مُصدر للمنتجات الزراعية في العالم من حيث القيمة بعد الولايات المتحدة التي تبلغ مساحتها 270 ضعف مساحة أراضي هولندا. وقد حققت ذلك من خلال تخصصها في المزارع الداخلية، التي تستخدم الطاقة المتجددة لإنتاج الضوء للنباتات المكدسة عموديا في صواني، وبذلك تستهلك مساحة أقل من المساحة التي تحتاجها أساليب الزراعة التقليدية. كما يعاد تدوير كل المياه المستخدمة، مما يحقق كفاءة في استخدام المياه بنسبة تقارب 100%.

وهذا أمر مثير للاهتمام، إذ يهدد تغير المناخ مصادر المياه العذبة بشكل كارثي، وينذر باحتمال اندلاع حروب على المياه. وقد أدى سد النهضة الإثيوبي الكبير على النيل الأزرق بالفعل إلى توتر العلاقات بين إثيوبيا ومصر. كما تعد مسألة حقوق المياه قضية ملحة بين الهند وباكستان، حيث يتدفق نهر السند عبر كشمير.

إن سيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي يمر عبرها نهر الأردن، وعلى الضفة الغربية لنهر الأردن، مسألة توسع استعماري بشكل عام، كما أنها مسألة تحكم في المياه بشكل خاص.

مع ذلك، فقد أتاحت الأساليب الزراعية الهولندية لمحة عما يمكن تحقيقه في ظل ندرة المياه. وقد أثبتت تلك الأساليب فعاليتها في زراعة الخضراوات والأعشاب والطماطم والخيار والكوسا وبعض أنواع التوت. وعلى وجه الخصوص، تنتج صناعة الطماطم الهولندية باستخدام هذه التقنية كميات من الطماطم لكل ميل مربع أكثر من أي مكان آخر في العالم.

ومن التطورات الأخرى “الزراعة الدقيقة“، التي تستخدم تقنية تحلل كيمياء التربة ومحتوى الماء ومعدل النمو، من أجل تحديد الظروف المثلى اللازمة لنمو المحاصيل. وعلى عكس نهج “مقاس واحد يناسب الجميع”، يسمح هذا النهج باستغلال أكثر كفاءة للموارد.

يُنتج المزارع الذي يستخدم هذه التقنية في هولندا متوسط ​​إنتاج يبلغ 20 طنا من البطاطس للفدان الواحد، بينما يُنتج متوسط ​​الإنتاج العالمي (باستخدام أساليب الزراعة التقليدية) حوالي 09 أطنان.

يمكن الاستفادة من هذا البحث الزراعي الرائد في جميع أنحاء العالم لضمان ممارسة الزراعة في كل مكان بأقصى قدر ممكن من الكفاءة والاستدامة.

يتم حاليا استخدام 44% من أراضي العالم المأهولة في الزراعة، وهي مساحة تعادل حوالي خمسة أضعاف مساحة الولايات المتحدة. ومع ذلك، وكما يتضح من خلال تقنيات الزراعة الهولندية، يمكننا بوضوح إنتاج محاصيل ذات جودة أعلى بمساحات أقل من الأراضي، في جميع أنحاء العالم، والمساعدة في وقف عمليات اجتثاث الغابات، التي تُعزى 90% منها إلى الزراعة.

يمكن لذلك أن يحرر بسرعة الأراضي المستخدمة حاليا للزراعة لاستعمالها في أغراض أخرى، مثل الإسكان والبنية التحتية ومشاريع إعادة التشجير. وقد أظهرت الأبحاث في الصين وبنما أن زراعة الغابات بأنواع نباتية مختلطة تساعد في تنظيم درجات الحرارة، وتخزين كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون، والحفاظ على الحياة البرية.

قدرت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة Science، أنه بإمكاننا امتصاص 25% من إجمالي ثاني أكسيد الكربون الجوي بزراعة نصف تريليون شجرة على مساحة 2.2 مليار فدان. هذه مساحة تعادل 19% من الأراضي الزراعية المستخدمة حاليا.

واعتمادا على ترشيد الزراعة على الصعيد العالمي، ومشاركة أحدث التقنيات، سيكون تحقيق ذلك ممكنا للغاية. لكن ذلك مستحيل بشكل مطلق في ظل الرأسمالية، إذ لا يمكن تحقيق أي ربح يذكر من إعادة تنظيم الزراعة بالكامل لمجرد زراعة الأشجار. بالطبع، لا يقتصر الأمر على ضمان الأشجار فحسب، بل إنه يضمن مستقبل جنسنا البشري نفسه.

وعلاوة على ذلك، تتطلب هذه البرامج تخطيطا دقيقا ومراقبة على المستوى العالمي. سوف تغير هذه البرامج بشكل كامل نوع العمل الذي يمارسه ملايين المزارعين والعمال الزراعيين. سيتطلب خطة مركزية لإعادة تدريب العمالة وإعادة توزيعها بعقلانية، مما يضمن توظيفا كاملا ومفيدا للملايين. سيتطلب أيضا تأميم الملكية الخاصة للتكنولوجيا ذات الصلة ووضعها تحت تصرف تلك الخطة.

حتى تربية الماشية -والتي هي عامل قوي في إزالة الغابات لتطهير الأراضي المطلوبة بشكل مباشر أو غير مباشر لتوفير الغذاء الذي تحتاجه الحيوانات- يمكن أن تكون جزءا من إعادة التشجير تلك. وقد وجدت الدراسات في “الأنظمة الرعوية الحرجية” أن دمج الأشجار والنباتات والماشية في نفس الأرض يؤدي إلى إزالة كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وزيادة خصوبة التربة. كما أظهرت الأبحاث أنه يمكن تقليل انبعاثات غاز الميثان من الماشية بنسبة تصل إلى 80% عن طريق تغيير النظام الغذائي للأبقار إلى الأعشاب البحرية الحمراء red seaweed.

وفي النهاية، تسيطر حفنة من الاحتكارات العملاقة على الزراعة، فهي التي تحدد ما الذي ستتم زراعه وكيف يتم بيعه وبأي سعر في السوق. على سبيل المثال، تسيطر أربع شركات فقط على 85% من سوق اللحوم في الولايات المتحدة. صناعة الأغذية مربحة للغاية، حيث تولد حوالي 1.9 تريليون دولار من المبيعات سنويا في الولايات المتحدة وحدها. والأساليب الأكثر ربحية بالنسبة لهم هي الأسوأ على البيئة، أكثر من نصف مساحة الأراضي الأمريكية تُستخدم للزراعة، وثلثاها للرعي.

لكن لا تظهر أي من العواقب السلبية التي تخلفها تلك الأنشطة على البشرية في الميزانيات العمومية لهذه الشركات الزراعية العملاقة. بل لديهم مصطلح يصفها بـ: “الآثار الخارجية”. وبالطبع هي “آثار خارجية” عندما يتعلق الأمر بتحقيق الربح.

لن يعمل المديرون التنفيذيون والمساهمون وعملاؤهم الفاسدون في الحكومة على وضع حد لهذا الوضع لمجرد “حسن النية”. فأساليبهم الحالية مربحة، ولن يغير أي رأسمالي خط إنتاجه بالكامل، ويستثمر مبالغ طائلة في أساليب جديدة، إذا كان ذلك سيؤثر سلبا على أرباحه.

فقط من خلال مصادرة شركات الأغذية الكبيرة والتخطيط لعقلاني لإنتاج الغذاء تحت رقابة العمال، سيمكننا تطبيق الإمكانات الحالية المتاحة لحل المشكلات التي تواجه البشرية.

ومع إزالة العوائق التي تفرضها الرأسمالية، لن يبقى هناك أي سبب يمنع إحداث ثورة في جميع أشكال الزراعة.

مساكن مقاومة للتغير المناخي

رغم أن الاستثمار في سبل إنتاج ضروريات الحياة بطريقة أكثر مراعاة للبيئة وأكثر استدامة هو أمر حيوي، فإن كوكب الأرض قد لحق به ضرر جسيم بالفعل. لذلك من الضروري النظر في التكيف مع التغيرات المناخية التي تطرأ على العالم، مثل الحرارة الشديدة والعواصف الأكثر عنفا.

هناك حاجة إلى مشروع ضخم لجعل المباني حول العالم “آمنة مناخيا”. فمعظمها غير مؤهل لتغير المناخ الذي نشهده حاليا، ناهيك عن التغيرات القادمة. وعلى سبيل المثال فإنه من المتوقع أن تتعرض مدارس لندن لما يصل إلى عشرة أسابيع من “الحرارة الشديدة” سنويا. ومع ذلك فقد أظهرت الأبحاث وجود طرق بناء موفرة للطاقة، تعزز نسمات التبريد والتهوية وجدران الحماية وتقلل الإشعاع الحراري، ويمكن تطبيقها كلها على نطاق واسع لمنع ارتفاع درجات الحرارة الشديدة في الداخل.

كما أن هناك خطر حرائق الغابات والجفاف والعواصف والفيضانات على المباني والمساكن. قد تفقد منطقة نيويورك، على سبيل المثال، أكثر من 80 ألف منزل بسبب الفيضانات خلال السنوات الخمس عشرة القادمة إذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات لبناء دفاعات ضد الفيضانات.

وذلك رغم أن مخططي المدن ومطوري العقارات يدركون بالفعل التدابير التي يمكن اتخاذها للتخفيف من أسوأ آثار هذه الفيضانات، وإنقاذ الأرواح وتقليل احتمال فقدان الناس لمنازلهم وخدماتهم الحيوية في المجتمع، مثل محلات السوبر ماركت والمدارس والمستشفيات.

تشمل بعض التطورات منازل “مقاومة للأعاصير”، حيث يتم بناء المنازل فوق الحد الأدنى من معايير السلامة المطلوبة، مثل البناء على أساسات أعمق بمقدار سبعة أقدام في الأرض بدلا من ثلاثة أقدام؛ وبناء المساحات المأهولة على ارتفاع ستة عشر قدما فوق مستوى سطح البحر؛ وتسييج المنازل بأحزمة فولاذية؛ ودفن خطوط الكهرباء بدلا من كشفها لحمايتها من أضرار الرياح.

ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، إعصار ميلتون، الذي اجتاح بشكل رئيسي المكسيك وكوبا وجزر البهاما وفلوريدا سنة 2024، والذي ترك ثلاثة ملايين شخص بدون كهرباء. لكن مشروع إسكان هانترز بوينت، الذي بُني بطريقة مماثلة للمشروع المذكور أعلاه، نجا وحافظ على خدمة التزود بالكهرباء.

لكن قطاع السكن في ظل الرأسمالية مبني على أساس الاستغلال، مما يؤدي إلى تقليص التكاليف وتجاهل تدابير السلامة. إلا أنه مع اقتصاد مخطط يركز على تلبية الاحتياجات الاجتماعية، سيتم بناء المساكن بشكل مختلف. أما الآن فإن هذه المنازل متاحة فقط لفئة صغيرة من السكان الذين يستطيعون تحمل تكلفة منازل تتراوح بين 1.4 و1.9 مليون دولار.

إن الإنتاج لتلبية الحاجة، وليس الربح، سيمكن الجميع من العيش في مساكن آمنة مصممة لمواجهة الظواهر الجوية القاسية. يجب تأميم شركات البناء وإدارتها ديمقراطيا من قِبل العمال الذين يمكنهم وضع برنامج شامل لبناء تلك المنازل والمباني، إلى جانب تجديد المباني القائمة لجعلها مناسبة.

لا شك أن استخدام الأبحاث والتقنيات المتاحة اليوم سيسهم بشكل كبير في خدمة البشرية، مع العمل على معالجة البيئة والحد من الاحتباس الحراري، كما يظهر الإمكانات الكامنة في التكنولوجيا المتاحة لدينا اليوم إذا استخدمت لتلبية الاحتياجات الاجتماعية.

إن الأمثلة الواردة في هذه المقالة ليست سوى لمحات عما يمكن تحقيقه إذا ما تم وضع احتياجات البشرية فوق مصلحة الربح. لكن ما الذي يمكن تحقيقه عندما سيتحرر الرجال والنساء من العمل الشاق، ويمتلكون جميع أدوات العلم والصناعة لإيجاد طرق جديدة للتخفيف من أزمة المناخ وعكس مسارها؟

هناك بالفعل أمثلة على الإبداع الكامن في الطبقة العاملة، والذي يتم تقييده بحقيقة أن الرأسمالية تقلل من شأن العامل إلى مجرد ملحق بالآلة.

تعد خطة لوكاس للفضاء الجوي في بريطانيا مثالا مثيرا للاهتمام، إذ تظهر الثورة التي يمكن أن تحدثها الملكية العامة وسيطرة العمال الديمقراطية على الإنتاج وتخطيطه وفقا للاحتياجات البشرية. كانت تلك الشركة، في سبعينيات القرن الماضي، تُستخدم لإنتاج تقنيات عسكرية، لكن في ظل احتمال فقدان وظائفهم في خضم الأزمة الاقتصادية، ابتكر العمال أنفسهم خطة بديلة لكيفية استغلال المصنع ومهاراتهم.

لقد أظهروا كيف يمكن للشركة ابتكار منتجات جديدة ومفيدة اجتماعيا. تضمنت الخطة 150 تصميما، مثل حلول الطاقة المتجددة -حتى أنهم كانوا يجرون أبحاثا حول تقنية الخلايا الشمسية، ومضخات الحرارة للمنازل، والطاقة الهجينة للسيارات- وهو ما كان بعيد النظر للغاية في ذلك الوقت الذي لم يكن تغير المناخ يناقش تقريبا.

وقال المهندسون المشاركون في تلك السيرورة إنها كانت تجربة ملهمة، حيث قال أحدهم: “… لو عاد بي الزمن إلى تلك الفترة، لما بدلت تجربة لوكاس بأي شيء”.

تُظهر خطة لوكاس الإمكانات الإبداعية اللامحدودة للطبقة العاملة عندما تُمنح فرصة التحكم في الإنتاج. كون هؤلاء العمال في مصنع أسلحة قادرين، بفضل إبداعهم ومعرفتهم الجماعية، على وضع خطة جادة ومجدية اقتصاديا لإعادة تشغيل مصانعهم لتحقيق غايات مفيدة اجتماعيا، أمر له نكهة جديدة بعد مرور 50 عاما.

اليوم تنفق الطبقة السائدة مئات المليارات على أسلحة الدمار. والطبقة العاملة لديها القدرة، ليس فقط على وقف هذا الاندفاع الجنوني نحو إعادة التسلح، بل أيضا على الاستيلاء على تلك المصانع، وتحويلها في وقت قصير لإنتاج الوسائل التي سنستخدمها ضد تغير المناخ.

يناضل الشيوعيون لجعل هذا حقيقة واقعة في جميع أنحاء العالم. لا يسع المرء إلا أن يتخيل مدى الارتقاء الذي يمكن أن يصل إليه المجتمع مع تطور إمكانيات تعايش البشر مع الطبيعة. إن وجود الطبقة العاملة -المكونة من ملايير العمال في جميع أنحاء العالم القادرين على إدارة الإنتاج وتطويره لتلبية الاحتياجات الاجتماعية- يوفر الأساس لتسخير وتوسيع التكنولوجيا اللازمة للتخفيف من تغير المناخ، وربما إيقافه تماما.

إن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وقيد الدولة القومية يمنعان البشرية من علاج الخراب الذي تعرض له الكوكب في ظل النظام الرأسمالي. إن مستقبل الكوكب يعتمد على إسقاطهما.

2 ديسمبر/كانون الأول 2025

ترجم عن موقع الدفاع عن الماركسية:

What would the communist solution to climate change look like?