بعد المجزرة الوحشية التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية المجرمة في حق متظاهرين دفع بهم التيار الصدري الرجعي إلى خطوط النار في إطار صراع كلا طرفاه رجعيان، توصلنا من الرفاق في الحزب الشيوعي العمالي العراقي بهذا البيان من أجل النشر، ونحن إذ نعمل على نشره، نعبر عن تضامننا المبدئي والمطلق واللا مشروط مع نضالات الطبقة العاملة العراقية.
مؤيد احمد / سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي
الاثنين: 13 شباط / فبراير 2017
تحولت تظاهرات ساحة التحرير في بغداد، يوم السبت الماضي 11 شباط 2017، التي دعى اليها الصدريون وقسم من ناشطي “التيار المدني”، الى مجزرة اخرى من سلسلة المجازر التي باتت ترتكبها الحكومات المتعاقبة في العراق منذ 2003 بحق المتظاهرين.
ان اقدام القوات الحكومية على رمي المتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع وعلى اثرها قتل وجرح اعداد من المتظاهرين عمل مدان ومحل شجبنا واستكارنا الشديدين. كما وندين بشدة استخدام السلاح من قبل اشخاص من اوساط المتظاهرين ضد افراد الشرطة.
لا يمكن الحديث عن توفر الحرية السياسية في المجتمع ومشاركة المواطنين الحرة في الحياة السياسية والفكرية بدون ضمان حرية التظاهر والتجمع والاحتجاج الجماعي. فما قامت به القوات الحكومية تعدي سافر على الحرية السياسية وجريمة بحق المتظاهرين، فيجب ان يعاقب المسؤولين عن ارتكابها.
لا يمكن تبرير هذه الاعمال القمعية بذريعة “الظروف الاستثنائية” وظروف الحرب على الارهابيين والدواعش ولا بذريعة رد الفعل ضد التصرفات الفردية للمتظاهرين.
فيما يخص مضمون التظاهرة، لا يخفى على احد، انها كانت تظاهرات التيار الصدري من حيث الاساس، اي تظاهرات جناح من اجنحة تيارات الاسلام السياسي الشيعي الحاكمة.
ان التيار الصدري هو الذي دعى الى هذه التظاهرات وهو الذي امر بتحرك قسم من المتظاهرين باتجاه “المنطقة الخضراء” وهو الذي حدد الاهدف السياسية العملية لهذه التظاهرة المتمثلة بتعديل قانون الانتخابات وتغيير تركيبة المفوضية العليا للانتخابات.
ان “التيار المدني” الاصلاحي- المساوم، المتمثل بالتجمعات والناشطين المدنيين الاصلاحيين دعاة التحالف مع التيار الصدري، والذي يدعمه الحزب الشيوعي العراقي و”التيار المدني الديمقراطي”، يريد ان يبرر تحالفه مع الصدريين بشتى الذرائع. تبريرات مثل كون مطالب واهداف الصدريين ومشاركتهم في التظاهرات وتحديدا تظاهرة يوم السبت لا تتعارض مع اهداف ومطالب “التيار المدني” او كون التظاهرة نظمت من قبل الجميع حيث يؤكدون بان “التيار المدني” نفسه دعى الى تظاهرة يوم السبت.
الحقيقة هي ، ان تلك الاسباب والتبريرات لا تغير شيئا جوهريا من المضمون السياسي لتظاهرة يوم السبت وطابعها الرجعي بكونها تظاهرة للتيار الصدري. ان الطابع السياسي الرجعي لتظاهرات يوم السبت، لم ينجم عن اوهام جمهور المشاركين فيها، ولا عن تركيبة الافراد الاجتماعية المشاركة في التظاهرة، ولا عن المطالبة بتغيير قانون الانتخابات والمفوضية، التي بحد ذاتها، وطالما الحديث يدورعن اصلاح قانون الانتخابات والعملية الانتخابية الحالية في العراق، مطلب اصلاحي مقبول وعادل.
ان الطابع الرجعي للتظاهرة ينجم عن كون هذه التظاهرة لعبت دور وسيلة سياسية بايدي الصدريين لتقوية انفسهم في نزاعهم الرجعي مع التيارات الرجعية الحاكمة، والاهم من ذلك، لتوطيد الحكم والنفوذ الرجعي للتيار الصدري على الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والنساء والشباب.
ان “التيار المدني” الاصلاحي هو حليف الصدريين السياسي في تحقيق هذه الاهداف الرجعية. ان تظاهرات مثل تظاهرة يوم السبت التي ينظمها ويقودها بالاساس التيار الصدري لا يربطها شئ بمصالح جماهير العمال والكادحين والتحررين ولا بالمد في الاعتراض الاجتماعي الواسع في البلاد والتواق الى المدنية والعلمانية والمناهض للفساد والميليشيات والنظام القائم. هذا، ومن ناحية اخرى، يريد قادة التيار المدني الاصلاحي-البرلماني والمساوم ذر الرماد في عيون الناس حينما يبررون مساومتهم او بالاحرى تحالفهم السياسي مع التيار الصدري بشتى التبريرات والامور التفصيلية ، على سبيل المثال، كون “حركة الاحتجاجات تتقوى نتيجة مشاركة التيار الصدري” او كون “جمهور التيار الصدري هم من الكادحين والفقراء”. الواقع هو ان العمل السياسي المشترك مع التيار الصدري بالنسبة لهؤلاء الاصلاحيين ليس عمل تكنيكي تفصيلي ولا مرتبط بآليات تقوية التظاهرات، ولا بالتعاطف مع الكادحين والفقراء. على العكس من كل ذلك، انه تحالف سياسي طبقي برجوازي مدروس ضد نفس جمهور المحتجين من العمال والكادحين والشبيبة والنساء وبوجه الاحتجاج الاجتماعي للطبقة العاملة والفئات غير المالكة والمسحوقة وعرقلة تطوره وتقدمه. يضاف الى ذلك، ان الادعاء بكون مشاركة الصدريين لا تغير شيئا من جوهر عدالة وقضية المتظاهرين ليس الا خداع سياسي مكشوف. ان مشاركة الصدريين في التظاهرات ليست عملية ميكانيكية صرفة، انها عمل سياسي نوعي تؤدي بشكل مباشر، في ظل توازن القوى الحالي في اوساط الاحتجاجات، الى تغيرطابع التظاهرة، بمعزل عما يحمل الافراد المشاركين في التظاهرة من قضايا واهداف عادلة او غير عادلة.
ان تبريرات كهذه اخفاء لحقيقة كون التيار الاصلاحي المساوم يتحالف مع الصدريين ضد جماهير العمال والكادحين والفئات المسحوقة ، وان هذا التحالف هو طريقتهم المثلى لعرقلة عملية تبلور قيادة اجتماعية من اوساط مجاميع الناشطين داخل الشبيبة ومن اوساط العمال والكادحين والفئات المسحوقة اقتصاديا ضمن موجة الاستياء والغضب الصاعدة في البلاد.
الوسيلة والاستراتيجية الفعالة التي بامكانها جر البساط من تحت اقدام هؤلاء الاصلاحيين وحلفائهم الاسلاميين من التيار الصدري وغيرهم هو: اولا، فضح المحتوى السياسي لهذا التحالف بين “التيار المدني” والاسلاميين وضرورة فصل الصفوف عنهم ومحاربة الاوهام بهذا الصدد، وثانيا، وفي الوقت نفسه، البدء بتنظيم وتوحيد جهود القادة والناشطين حول برنامج عمل مستقل يستجيب لمطالب واهداف جماهير العمال والكادحين والنساء والشبيبة التحررية باتجاه تحقيق ارداتهم المباشرة.
مؤيد احمد : سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي 13 شباط 2017